النهر الصناعي العظيمالماء هو سر الحياة وجوهرها وسبب استمرارها وتطورها، هذه هى إرادة الله، ومن خلال هذا الفهم يتأكد لنا أن الحفاظ على الماء يأتي بمثابة الحفاظ على حياة البشر، وأن التفريط فيه ذنب قد لايغتفر، ولاشك أننا جميعاً مطالبون بالحفاظ على مواردنا المائية، وتنميتها والكف عن استنزافها والتحسب لاحتمالات نفاذها.
ولكن من يمتلك المقدرة على إدراك الواقع والتنبيه إلى مخاطره، والاهتداء إلى سبل تفاديها، إن ذلك يتطلب عقلاً راجحاً وفكراً نيراً وتجربة عميقة وغيرة صادقة وإرادة طموحة وعزيمة صلبة لاتلين، لدى من يستحضر الماضي ويستقرئ وقائعه ويحللها فى ضوء ما واكبها من ظروف وماآلت إليه من نتائج، يستلهم منها ما يمكنه من رسم طريق المستقبل الآمن، وتفادي الانزلاق إلى نتائج غير محسوبة، وإننا لنلمس هذه الخصال فى شخص من نبه منذ سنوات مضت إلى احتمالات أزمة مائية فى الوطن العربي ودعا إلى ضرورة الاستعداد لمجابهتها، وإيجاد البدائل التى تقلل من خطورة تأثيراتها، وقام فى نفس الوقت بأخذ زمام المبادرة، فعمل على الاستفادة من كل الموارد المائية المتاحة، فى إطار مشاريع متعددة كان أهمها وأكثرها قدرة على تغيير وجه الحياة على أرض الجماهيرية العظمى "النهر الصناعي العظيم"، الذى اختط مساره، ووضع أساسه، وتعهده بالدعم والرعاية القائد العظيم معمر القذافي، ليقدم إلى العالم أعجوبة ثامنة تشكل رافداً رئيسياً من روافد الازدهار البيئي الذى تتطلع إليه الجماهيرية، وبدأت تلمس بوادره بعد وصول طلائع بشائره إلى كل من بنغازي وسرت وطرابلس، ضمن المرحلة الأولى من المشروع، وستعم كل مواقع التربة الخصبة والمواقع السكانية الكثيفة فى دواخل الشمال وعلى طول امتداد الساحل.
الحلمفي مضمونه بدا الحلم كقطعة من نفيس الأدب الرومانسي ،بينما تلامس هندسته حدود الخيال العلمي على هذا النحو أو نحوه طرح القائد معمر القذافي على مؤتمر الشعب العام في جلسته الاسثنائية بمدينة الكفرة في الثالث من شهر التمور من عام ألف وتسعمائة وثلاثة وثمانين مشروع النهر الصناعي العظيم.لقد تجسد الحلم في شكل أضخم مشروع هندسي عرفه العالم في وقتنا الحاضر, ويقضي بأن تقدم الصحراء لليبيين الماء كتعويض عادل عن حقب شحها وما سببته من يباس.
بدأت المسيرةفي الثامن والعشرين من شهر هانيبال من عام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين ، وضع القائد " معمر القذافي " حجر أساس مشروع النهر الصناعي العظيم ، وبدأ العدّ التنازلي لتدفق أكثر من ستة ملايين متر مكعب من المياه يومياً من الجنوب إلى الشمال في رحلة أسطورية تقطع خلالها نحو جمسة آلاف كيلومتر عبر منظومة بديعة التكوين ، فريدة الصنع ، رائعة الأداء ، وجليلة المهمة .
أما الأخطر من ذلك كله ، وطبقا لحقائق لا لبس فيها ، فهو أن مشروع النهر الصناعي العظيم جاء بمثابة محاولة أخيرة لإنقاذ الحياة في شمال افريقيا .
مراحل المشروعالمرحلة الأولى:
وتهدف إلى نقل ما مقداره 2 مليون متر مكعب من المياه يومياً من حقلي السرير وتازربو إلى خزان الموازنة بمدينة أجدابية ومن ثم نقلها شرقاً إلى بنغازي وغرباً إلى سرت وقد تم إنجاز هذه المرحلة .
المرحلة الثانية:
وتتضمن نقل ما مقداره 2 مليون متر مكعب من المياه يومياً من منطقة فزان إضافة إلى نصف مليون متر مكعب من جبل الحساونة إلى مدن الساحل الغربي " طرابلس وما حولها " وقد وصلت مياه المرحلة إلى المناطق المستهدفة .
المرحلة الثالثة:
وتهدف إلى إضافة 1,68 مليون متر مكعب من المياه يومياً إلى المرحلتين الأوليتين عن طريق مد ثلاثة خطوط هي خط يصل حقل الكفرة بالسرير وخط من أجدابيا إلى الجبل الأخضر البطنان / طبرق وخط ثالث يربط المرحلة الأولى بالرحلة الثانية ويضم بكامله حوالي 960 بئراً تتراوح أعماقها بين 450- 650 متراً في أحواض الكفرة ، تازربو ، السرير وفزان وتغطي في مجملها 8 آلاف كيلو متر مربع وقد ساهمت المرحلة الأولى بضخ 2 مليون متر مكعب يومياً سترتفع إلى 4,5 مليون متر مكعب بانتهاء المرحلة الثانية ثم إلى 5,68 مليون متر مكعب يومياً بعد نهاية مراحله الثلاث .
المرحلة الرابعة:
خط أنابيب من سرت إلى طرابلس، لربط منظومة المرحلة الأولى بمنظومة المرحلة الثانية.
المرحلة الخامسة:
خط أنابيب نقل المياه من أجدابيا إلى طبرق.
ويعد مشروع النهر الصناعي العظيم من أضخم مشاريع نقل المياه التى عرفها الانسان، حيث سيحمل عند إنتهاء مراحله المختلفة، ما يقدر بنحو ستة ملايين متر مكعب من المياه يومياً، عبر منظومة أنابيب يبلغ مجموع أطوالها نحو أربعة آلاف كيلومتر، تمتد مساراتها من جنوب البلاد إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها، وهو بذلك يعتبر من الإنجازات العملاقة على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالجماهيرية العظمى، وله تأثيرات إيجابية على البيئة ومكوناتها، وقد تمحورت أهداف هذا المشروع حول زيادة الرقعة الزراعية فى البلاد وتوفير الماء الصالح للاستعمال، وزيادة معدل الاستقرار السكاني، والحد من ظاهرة الهجرة إلى المدن، وزيادة الدخل العام.
ولكي نعطي صورة تقريبية للتحولات المرتقبة على أرض الجماهيرية بفعل النهر الصناعي العظيم فإننا نشير إلى مساهمة المرحلة الأولى من المشروع التى تقوم بتوفير مياه الري الزراعي ومياه الشرب ومياه الاستخدام الصناعي، حيث خصص مانسبته 97% من إجمالي مياه المرحلة الأولى ومقدارها حوالي 550 مليون متر مكعب، وما نسبته 15% للاستخدامات المنزلية أى 104 مليون متر مكعب، وخصص الباقي لاستخدامات الصناعية.
وقد تم تقسيم الأراضي الزراعية فى كل من سرت وبنغازي إلى مزارع بلغت مساحتها الإجمالية حوالي 7.5 ألف هكتار. إن هذه المساحة من شأنها إحداث تغيير كبير فى المنطقة من حيث توفير المنتجات الضرورية للاستهلاك المحلي وإحداث تأثيرات إيجابية على البيئة من خلال الغطاء النباتي والتطور العمراني وارتفاع مستوى الدخل وهى من الأمور التى لها انعكاسات إيجابية على البيئة، فالغطاء النباتي يعمل على إصلاح التربة، ومكافحة التصحر، واعتدال المناخ، وحفظ التنوع البيولوجي، إضافة إلى أن النمو العمراني الذي يواكب الاستصلاح الزراعي يعتبر عاملاً مهماً فى اجتذاب المسكن المناسب والدخل الوفير بفضل مياه النهر، وبما أن الفقر يعتبر من أحد أسباب تدهور البيئة فإن توفر الدخل المناسب من المزارع المقامة سيجعل السكان أكثر وعياً وأكبر قدرة على المحافظة على البيئة والارتقاء بوسائل حمايتها وتطويرها.
وإذا ما وضعنا فى اعتبارنا المناطق الأخرى التى سيتم استصلاحها، عند الانتهاء من كل مراحل تنفيذ النهر فإن الصورة ستكون أكبر وأشمل وأكثر إشراقاً وتدعو إلى الاطمئنان والاعتزاز حيث يتبين الآن من خطط التنفيذ أن المشاريع الزراعية من شرق البلاد إلى غربها بعمق نحو الجنوب ليشمل الجبل الغربي والمناطق التى فى مستواه حتى الحدود الشرقية، ولاشك أن غابات النخيل والزيتون وأشجار الفاكهة التى ستنتشر فى مناطق الاستصلاح هذه ستكون لها مردودات إيجابية على عناصر البيئة، حيث أنه من الثابت علمياً أن الأشجار تعمل على تنقية الهواء من الكربون، لدرجة أن بعض البلدان طالبت مؤخراً بأن تحتسب المساحات المشجرة بها كجزء من حصتها في المساهمة فى التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وقد جاء فى الدراسة التى أعدتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن من أهم آثار ومتضمنات المشروع مايتحقق على المستوى البيئي حيث يعمل على وقف التدهور والاختلال فى التوازن المائي فى مناطق المسار التى تتعرض لحالات متفاقمة من تداخل مياه البحر، ونضوب وتملح المياه الجوفية، وماينجم عن ذلك من تدهور جودة التربة الزراعية فى المساحات التى لاتزال تعتمد فى الرى الدائم على المياه الجوفية.
كما يساعد المشروع فى تحقيق قدر من التوازن السكاني الموردي من خلال العمل على امتداد التنمية الزراعية خارج نطاق الكثافة السكانية الساحلية، وتعمقها تجاه الجنوب بما يضمنه ذلك من انتعاش لتلك المناطق وخلق ظروف أفضل للحياة والجذب السكاني بها، وما يحققه من امتداد للغطاء النباتي وتحسين الظروف البيئية بتلك المناطق.
كما اهتم المشروع بضرورة الموافقة البيئية لمختلف الأنشطة المقترحة، والإصرار على تحقيق أقصى قدر ممكن من المواءمة بين الكفاءة الفنية والاقتصادية وبين الاعتبارات البيئية.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك ماراعاه منهج التنمية فى معظم مواقع الجبل الغربي وذلك بالحفاظ على الخصائص الطبيعية والبيئية وعدم اللجوء إلى الممارسات والأنشطة التى قد تسيئ إلى تلك الخصائص حاضراً أو مستقبلاً.
وكان هناك اهتمام خاص فى كافة المواقع بتنمية وتطوير الاشجار الأكثر ملاءمة بيئياً مثل النخيل والزيتون، وهى الأشجار التى لها تاريخ مشترك مع الانسان الليبي على مدى العصور.
وهكذا فإن هذا النهر، بفضل مايوفره من مكاسب اقتصادية، ومايتيحه من ازدهار بيئي، يعتبر بحق رافداً من روافد البيئة التى بإزدهارها تزدهر الحياة.
مجال الزراعـةتم استصلاح مساحات شاسعة من الأراضي القائمة على الزراعة البعلية والموسمية، وإذا كانت أفاق التنمية والتوسع في مجالات الزراعة تحدده إمكانيات المياه المتوفرة للري بصفة عامة، فأن استغلال مياه النهر الصناعي العظيم الذي يقدر إنتاجه اليومي بحوالي ( 6.5 ) مليون متر مكعب يوميا وما تم استصلاحه من الأراضي المرتبطة بمساراته وشبكات الري القائمة عليه تمثل فرصة اقتصادية هامة لقيام جملة من الاستثمارات في مجال الزراعات الخاصة والمروية التي يمكن أن يضيف إليها المناخ والموقع الجغرافي الليبي ميزات إنتاجية وتسويقية افضل
لهذا السبب: مساحة ليبيا تزيد عن ثلثي قارة اوروبا , لكن كمية المطر التي تصلها سنويا , تقل بمقدار النصف عن كمية المطر التي تهطل على منطقة أوربية صغيرة مثل جنوب فرنسا و الواقع أن أغلب ألاراضي الليبية تمتد في مدارات صحراوية جافة , يكاد المطر أن ينعدم فيها كليا . في ظروف هذا المناخ القاريء أصبحت قطرة الماء في ليبيا , سلعة نادرة لا يعرف المواطن كيف يحصل عليها الا بوسائل مكلفة مثل حفر ألابار , و تخزين مياه المطر . لقد كان العطش سيفا مسلطا على رقابنا , مما جعل حل مشكلة توفير المياه أمرا ملحا و ضروريا , و ضمن برنامج يسابق الزمن
1- الكفرة - تازربو 350 كلم
2- تازربو - أجدابيا 650 كلم
3- السرير - أجدابيا 380 كلم
4- أجدابيا - طبرق 400 كلم
5- أجدابيا - بنغازي 150 كلم
6- أجدابيا - سرت 400 كلم
7- سرت - طرابلس 400 كلم
8- شرق فزان - طرابلس 650 كلم
بلغت كمية الاسمنت المستخدمة في تصنيع الانابيب نحو خمسة ملايين طن اي تكفي لتعبيد طريق خرسانة من مدينة سرت بالجماهيرية العظمي الي بومباي بالهند .
الابار التي تم حفرها 1300 بأر تضخ مامقداره ستة ملايين ونصف متر مكعب من المياه يومياُ يتزود مقداره ألف لتر من المياه .
مجموع اعماق ابار المياه التي تم حفرها في الصحراء بالمشروع النهر الصناعي العظيم تفوق اكثر من 70 متر من أعلى قمة جبل ايفرست ).
يبلغ طول اسلاك الفولاد سابقة الاجهاد المستخدمة في تصنيع الانابيب مسافة تكفي للاتفاف حول الكرة الارضية 280 مرة
تكفي كمية الركام المستخدمة في انشاء مشروع 20 هرم بحجم هرم خوفر الاكبر .
يبلغ طول منظومة نقل الانابيب 3500كيلو متر مربع منتشرة بالمساحة تعادل مساحة غرب اوربا.